أخبار

Pages

page1

نحو مباحثات سلام ناجحة بين الزوجين:الحوار الزوجي الناجح

لا يكاد يمر يوم أو بعض يوم إلا وتطالعنا نشرات الأخبار بأنباء متفرقة عن جلسات الحوار ومحادثات السلام بين أطراف الصراع في الحروب وبين الخصوم السياسين وبين مكونات الوطن الواحد.
إنها وسيلة البشر لحل خلافاتهم وإنهاء حروبهم وتوزيع مسئولياتهم تجاه بلدانهم وأممهم. الحوار هو نشاط عقلي ولفظي يقدم فيه المتحاورون الأدلة والحجج والبراهين التي تبرر وجهات نظرهم بحرية تامة من أجل الوصول إلى حل لمشكلة أو توضيح لقضية ما، إنه السبيل نحو إزالة الخلافات وتوطيد العلاقات .
 أما على مستوى الأسرة فهو وسيلة التعايش والتواصل والترابط بين مكونيها الأساسيين: الزوج والزوجة، وأن الحوار الناجح حتما يبنى أسرة قوية مترابطة ومتماسكة يملؤها الحب والدفء، وعلى الطرف الآخر فإن إخفاق الزوجين في بناء حوار ناجح يؤدي حتما إلى الخلاف والشقاق والتصدع في كيان الأسرة.
الحوار الزوجي الناجح

ثلاث طرق سهلة ويسيرة لبناء حوار زوجي ممتع وناجح

الآن هيا عزيزي القارئ ننطلق إلى رحلة شيقة عبر الأسطر القادمة نتعرف فيها على ثلاثة طرق سهلة ويسيرة لبناء حوار زوجي ممتع وناجح.

أولا: إدراك الفروق بين الرجل والمرأة في التفكير والتصرفات

يخبرنا علم النفس أن هناك عدة فروق بين عقلي الرجل والمرأه في التفكير والإحساس والتصرف ونختصرها كالآتي:
ولدينا هنا حقيقتان يجب أخذهما بين الاعتبار:

الحوار الزوجي الناجح


أولها يجب أن نتفهم أن كلا من الزوج والزوجة يملك طبيعة مختلفة تماما، وأن على كل منهما أن يتفهم جيدا طبيعة الطرف الآخر ويتعامل مع تلك الطبائع الشخصية بأسلوب أفضل ووعي أعمق.
 والحقيقة الأخرى أنه لا سبيل إلى تغيير تلك الطبيعة، فمحاولة تغييرها كلية تصطدم بالفطرة السليمة وستؤدي إلى تصدع العلاقة بين الزوجين وحدوث مشكلات كثيرة. وأن معرفة كلا الزوجين بتلك الحقائق وإدراكهما إلى تلك الاختلافات الطبيعية لهو نصف الطريق نحو حوار زوجي بناء وممتع،
وأن تلك الاختلافات هي التي اختصرها الكاتب د.جون غراي في كتابة الشهير، الرجال من المريخ والنساء من الزهرة، كل منهما من كوكب آخر ،كل منهما مختلف عن الآخر.
 إن شكوى النساء من قلة كلام أزواجهم هي شكوى طبيعية ناتجة عن القدرات الفطرية للرجال، وإن ضجر الرجال من ثرثرة زوجاتهم وكثرة كلامهم هو أمر طبيعي في فطرة المرأة.
الحوار الزوجي الناجح


ثانيا: معرفة حالات النفس البشرية التي يعيشها الزوج (ة)

يخبرنا علم الفسيولوجي  Diurnal variation  عن تغيرات تحدث في أجسامنا خلال اليوم الواحد وأطلقوا عليه تتغير أجسامنا على مدار اليوم فترتفع هرمونات في الصباح وتنخفض في المساء وأخرى تزيد في منتصف النهار، وتتغير الحالة البدنية والذهنية في العمل حيث الضغوطات المختلفة،
هذه التغيرات الهرمونية والنفسية تجعل كلا الزوجين يمران بحالات نفسيه متباينة يمكن توضيحها على النحو الآتي:
حالة الطفل: حينما تواجهنا الأحداث والضغوطات اليومية والمهام الوظيفية ومسئوليات الأسرة نميل إلى الإحساس بشعور الأطفال من ضجر وشكوى وتمرد.
حالة البالغ والراشد (الزوج والزوجة، الواعي الذي يدرك طبيعة وأهمية دوره فيتحلى بالمسئولية والالتزام وروح التحدي، وينطلق متحملا لهذه المسئولية ومجتهدا وأن يقوم بها على أكمل وجه).
 حالة الأبوة والأمومة: إنه ذلك الجانب الأبوي بداخلنا وهو يولد معنا منذ الصغر ونمر به جميعا وله وجهان: وجه حسن يتمثل في الاهتمام والتوجية والحب الأبوي، وتميل ذات الأبوة في جانبها الآخر إلى النقد والتوجيه وإصدار التعليمات.
مثال لذلك حينما تحتاج الزوجة الدعم والتشجيع والنصيحة من الزوج فهي حقا تخاطب فيه روح الأب وعقله واهتمامه، وعلى الطرف الآخر حينما تزيد ضغوط الحياة على الزوج ويحتاج للحنان والدعم والتشجيع مثل الطفل تماما، فإنه يتحدث مع زوجته ويخاطب فيها روح الم الحانية الداعمة والمشجعة.
 الحبيب والعاشق: إنه الزوج والزوجة تجيش مشاعرهم وأحاسيسهم ويعيشون لحظات الحب الحقيقي والاحتياج العاطفي، إنها أوقات جميلة وتستحق أن يعيشها كلا الزوجين بقلوبهم وأرواحهم وأجسادهم.
تلك الحالات الإنسانية التي يتنقل من خلالها الرجل والمرأة طوال اليوم وتعتمد طريقة تصرفهم وردود أفعالهم على الحالة التي يعيشها في ذلك الوقت.
 وللتقريب إليكم المثال التالي:
 تحتاج رشا إلى أن تسمع كلمات الحب والعبارات المفعمة بالمشاعر من زوجها أكرم، فتتصل به ظهر يوم الأحد وعندما يرد ويسمع صوتها الجميل يعتذر بأنه مشغول الآن ولديه أعمال هامة ويجب أن ينهي المكالمة الآن،
وتصدم رشا من تصرفه وتردد: إنه لايحبني.
 التفسير: إنها بداية الأسبوع ويوم الأحد، أكرم لديه اجتماع هام، إنه يعيش حالة الراشد وأن لديه مهاما ومسئوليات يقوم بها، ورشا تبحث عن حالة الزوج العاشق المحب، هي تبحث عن الزوج الحبيب العاشق.
مها تهاتف زوجها ياسين يوم الثلاثاء ظهرا قبل اجتماعه مع رئيس مجلس الإدارة بقليل وتثني عليه وعلى نشاطه وتردد على مسامعه عبارات التحفيز والتشجيع والدعم، وياسين في غاية السعادة بدعمها وتشجيعها، هو ينتظر تلك المكالمة ويكتسب طاقة إيجابية كبيرة من عبارات زوجته الرائعة والمشجعة.
التفسير: تدرك مها حاجة ياسين إلى الدعم والمساندة قبل الاجتماع الأسبوعي الهام، إنها تتحلى بروح الأمومة وتبث مشاعر الدعم والمساندة لياسين فتدفعه إلى مزيد من الإنجاز والعمل، وتحاول أن تخفف عنه ما يتعرض له من ضغوطات العمل بحنو كلماتها ودفء مشاعر الأمومة لديها؛
 النتيجه رائعة، ويساهم هذا في إرساء روابط المحبة والألفة بين مها وياسين.

ثالثا: اختيار الوقت المناسب

يجب أن يدرك الزوجان الوقت الأمثل، ويتفهم احتياجاته الشخصية «حالته» ويعرف طبيعة «حالة» شريك حياته في هذا الوقت،
وكما تقول الحكمة لكل مقام مقال، فالوقت يلعب دورا خطيرا جدا في تصرفاتنا وفي ردات فعل من نتعامل معهم.
 وقت العمل والدوام للرجل والمرأة أو القيام بمسئوليات الأولاد والمهام الوظيفية هو وقت الضغط والالتزام، يجعلنا الضغط متضجرين وحساسين أكثر،
 في هذا الوقت يجب على الزوجة أن تعامل زوجها بأمومة وحنان وحب ويجب على الزوج أن يعامل زوجته بأبوية ودعم وحب وتشجيع.
 وقت الرجوع إلى البيت بعد يوم عمل طويل وشاق يكون فيه الزوج/ة في قمة الإرهاق والتعب، نحتاج فيه إلى الراحة والاهتمام والطعام والشراب والنوم الهادئ كطفل صغير يبحث عن حضن أمه لتضمه إليها وتطعمه بيديها وتسلمه إلى فراشه الهادئ ليرتاح من عناء العمل.
غالبا تكثر الخلافات الزوجية والشجارات في هذا الوقت، حيث تكون الزوجة مرهقة ومتعبة أيضا بعد نهار طويل استنفذ فيه الأطفال طاقتها وأرهقتها الواجبات المنزلية، من تنظيف وترتيب وإعداد للطعام، مسكينة، هي أيضا في حالة الطفولة، تبحث عن أب حان عطوف يربت على كتفيها ويمسح عنها عناء النهار الشاق.
وأن كلا الزوجين يعيشان نفس الحالة وقد لا يعرفان ويقدران حساسية الوقت وطبيعة حالتهما، فحتما سيتعاملان كطفلين وتنشب بينهما الخلافات والمشكلات إنه وقت في غاية الحساسية.

وعودة إلى قصصنا عن الأزواج المتحاورين

تعمل د. سهام مدرسا مساعدا بكلية العلوم، إنها مسجلة للدكتوراه في تخصص مركبات النانو، وتواجه مشكلة في إجراء كثير من التجارب العملية، لقد غادر مشرف رسالتها إلى جامعة برونيل بإنجلترا ليجري هناك بعض الأبحاث في مجال التخصص،
وعندما أرسلت إليه بريدا إلكترونيا لتأخذ رأيه في هذه الصعوبات التي تواجهها عرض عليها المشرف أن يرسل لها خطاب دعوة من جامعة برونيل لمدة عام لتستكمل تجاربها العلمية هناك،
إنه عرض ممتاز وفرصة كبيرة لباحثة مثلها وأن تقوم بإنجاز علمي ملموس.
 رجعت د. سهام إلى المنزل على عجل وكانت في قمة السعادة والترقب، وأخذت تهاتف زوجها «د.على» كثيرا فلم يرد على الهاتف، تعرف أن لديه محاضرات متأخرة لهذا اليوم،
 انقضت نصف ساعة من الانتظار قضتها د. سهام في السير عبر شقتها ذهابا وإيابا، 
دخل د.على إلى المنزل وألقى أوراقه وحقيبته، وألقى بجسده المنهك على الأريكة.
 انطلقت كلماتها سريعا: لقد تلقيت عرضا ممتازا اليوم، يمكننا أن نسافر سويا،
نظر إليها وقال كيف أسافر ولدي ارتباطات هنا، لا يمكنني السفر، هذا مرفوض نهائيا، بدأ صوته يعلو شيئا فشيئا ولم تتمكن سهام من السكوت، انطلقت تدافع عن موقفها وتتهمه بأنه أناني لا يفكر إلا في نفسه ولا يرى إلامصلحته، وتصاعد الخلاف وقررت أن تأخذ ملابسها وترحل.
 التفسير الآن عزيزي القارئ، لديك المهارة لتفسر معي ما حدث، فكر قليلا ثم اقرأ التفسير.
 تحتاج الزوجة فعلا إلى استشارة زوجها وإلى أن يشاركها الرأي ويدرس معها المميزات والعيوب، وأن يشاركها في اتخاذ القرار الصحيح لكليهما، هي تعيش حالة الراشد والعاقل بينما المسكين متعب ومجهد بعد يوم عمل طويل،
 إنه في حال الطفل يحتاج إلى الحنو والاهتمام، متى كان الوقت الأنسب للنقاش والحوار؟
كان على الزوجة أن تقدم لزوجها الطعام وتتركه يرتاح قليلا ثم تتحدث معه في هذا الشأن الهام.
الآن تعلمنا سويا أشياء في غاية الأهمية، ولدينا الآن إجابات كافية عن كثير من الأسئلة، لماذا لا تبادل الزوجة زوجها مشاعر الحب والود؟
 لماذا تسبب له كل هذا الإحباط؟ إنه الآن يفكر لماذا لا تحبه زوجته، لماذا هي عصبية في هذا الوقت.
لماذا لا يستطيع الزوج أن ينطق ببعض الكلمات العاطفية التي لن تكلفه الكثير في هذا الوقت تحديدا؟
 لماذا يسبب هذا الإحباط لزوجته المتلهفة إلى تلك الكلمات الصغيرة.

الحوار الزوجي الناجح

الخلاصة:

الآن عزيزي القارئ تعلمنا جيدا مدى الفروق بين الرجل والمرأة في التفكير والاهتمام والمشاعر والتصرفات، ومدى تأثير هذه الفروق على حالتهم النفسية وعلى شخصياتهم،
 وأيضا تعلمنا متى يعبر الزوج عن مشاعره متى يمكنه أن يتبادل الكلمات الجميلة مع زوجته،
 ومتى تجد الزوجة مرادها وتستمع الكلمات الجميلة التي تبحث عنها، وأيضا متى تكون الزوجة واعية ومسئولة وقادرة على إدارة الحوار مع زوجها في أمورهم الحياتية وفي اتخاذ القرارات الهامة التي تتعلق بمستقبل كليهما وبمستقبل الأسرة والأبناء أيضا،
 ومتى يحتاج كلاهما للدعم والمساندة والتحفيز والتشجيع ومتى ينشأ الخلاف والشجار والأحباط لكليهما.
 وما بين هذه الحالة وتلك تتأرجح الحياة،
فإذا تراجع الحب لسويعات ظهر الاهتمام والدعم الأبوي، وإن توارت كلمات الأب الحاني واهتمام الأم ظهر العقل والفكر والوعي والإدارة والمسئولية المشتركة.
 وفي كل مرة يكون للحياة طعم مختلف هو طعم هذا الخليط الفريد، حينما تتغير مقادير مكوناته بالتبادل المنظم حينا والعشوائي أحيانا،
 وتصبح الأسرة مكانا يجد فيه الزوج/ه الحنان والاهتمام والحب والشعر والنثر والقواعد والأفكار والدفء وكل معاني الحياة الجميلة.

0 commentaires:

إرسال تعليق